بين قوسين: الفيزياء في القران الكريم .. السقف المحفوظ
قالَ تعالى (وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتنا معرضون) سورة الانبياء/32
جعل: لفظ عام في الافعال كلها، وهو اعلم من فعل وصنع.
وهنا يعني: صير الشيء على حالة دون حالة كما في قوله تعالى(الذي جعل لكم الارض فراشاً) البقرة/22
وقوله تعالى (وجعل القمر فيهن نورا) نوح/16
السماء:لغة كل ما علاك فأظلك، اصطلاحا، ذلك العالم العلوي الذي نراه فوق رؤوسنا بكل ما فيه من اجرام.
عليماً: كل مايحيط بالارض بدءاً من غلافها الغازي وانتهاءً بحدود الكون المدرك و(السماء) في الآية الكريمة جعلت حافظة ومحفوظة في الوقت نفسه، فهي سقف حافظ لما تحته، اي أن (السماء) للارض كالسقف للبيت، محفوظ من الخلل بالنظام الكوني الدقيق ومحفوظ من الدنس بأعتباره رمزاً للعلو الذي تتنزل منه آيات الله عز وجل.
ان الغلاف الجوي المحيط بالكرة الارضية هو جزء من(السماء) يؤدي وظائف ضرورية لأستمرار الحياة بالنسبة لجميع الكائنات الحية حتى التي توجد في اعماق البحار ويدور حول الارض ويرتبط بها بقوة الجاذبية ويتكون من خليط من الغازات تتخللها جسيمات دقيقة عالقة من مواد صلبة كالاتربة والدخان ومواد سائلة كبخار الماء، وقد اثبتت الابحاث العلمية التي اجريت في القرن العشرين اهمية كل طبقة من طبقات الغلاف الجوي ومن هذه الطبقات:
طبقة التروبوسفير: الطبقة الدنيا في الغلاف الجوي حيث سطح الارض وتظهر فيها السماء زرقاء صافية اثناء النهار، ولولاها لظهرت السماء مظلمة ليلاً ونهاراً لأن الاصل في الكون (الظلام)، وفي هذه الطبقة تحدث جميع تغيرات الطقس وتوزيعات السحب التي تؤثر في حياتنا اليومية ويوجد بخار الماء وغاز ثنائي اوكسيد الكاربون وذرات الغبار الصلبة وغير ذلك، ان بخار في الجو وغاز ثنائي اوكسيد الكاربون يتميزان بقدرتهما على امتصاص الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية المشعة من الارض وبذلك يعملان على توازن حرارة الهواء وتنظيمها بشكل يتلاءم والمتطلبات الحرارية للكائنات الحية النباتية والحيوانية، وقد وجد ان بخار الماء في الجو يسمح لأشعة الشمس بالنفاذ خلاله اكثر من سماحه للطاقة الحرارية المشعة من الارض فهو يكون غطاء للارض يجعلها ادفأ مما لو كانت بدونه، كما ان ذرات الغبار الصلبة في الجو تساعد على امتصاص الحرارة من الاشعاع الشمسي خلال النهار وعلى حفظها خلال الليل، اي ان عمل هذه الذرات اشبه بعمل بخار الماء في الجو، من ذلك يتضح ان هذه الطبقة هي السبب في منع حرارة النهار من الهروب او التسرب الى الفضاء الخارجي اثناء الليل، وعدم ارتفاع درجة الحرارة الى اكثر مما تطيقه الكائنات الحية اثناء النهار، ولايحدث هذا التوازن الحراري على سطح القمر لعدم وجود غلاف جوي يحيط بالقمر حيث ان أوطأ درجة حرارة ليلاً
(-170درجة مئوية) وان اعظم درجة حرارة نهاراً (+130درجة مئوية) هذا ماصرح به علماء الفلك، العلم الحديث يؤكد انه لو كان الغلاف الجوي المحيط بالارض اقل ارتفاعاً مما هو عليه الان لأمكن لبعض الشهب المحترقة في الغلاف الجوي ان تضرب الارض وتحرق كل شيء قابل للاحتراق ولما كانت السماء سقفاً منيعاً يحفظ الارض وما عليها من هذه الشهب، والمعلوم ان الشهب كتل سماوية صخرية او معدنية التركيب متباينة في اشكالها وحجومها تتراوح ما بين الحبات الصغيرة مثل حبة الرمل والصخور الضخمة التي قد تبلغ كتلتها الالاف الاطنان، وعند مرور هذه الكتل السماوية في الغلاف الجوي الارضي تزداد مقاومة الهواء لها فتتولد من جراء ذلك عملية احتكاك ميكانيكية بين جزيئات الهواء والجزيئات السطحية للشهب فترتفع درجة حرارتها وتزداد سرعتها حتى تحترق وتتطاير جسيماتها مولدة ذيل متوهج وعلى شكل بريق ناري في كبد السماء وعلى ارتفاع100 كيلومتر تقريباً، ان اغلب الشهب تحترق في الجو وقليل منها يسقط على سطح الارض وفي هذه الحالة تدعى(النيازك) اي ان النيازك تمثل الاجزاء الساقطة من الكتل السماوية على الارض وغير المحترقة في الغلاف الجوي .
طبقة الماغناتوسفير:هذه الطبقة تتكون نتيجة لوجود المجال المغناطيسي المحيط بالارض، ويوجد فيها(حزام فان آلن) هذه الاحزمة تعلو سطح الارض بمسافة الاف الكيلومترات وتحمي الكائنات الحية من الطاقة الاشعاعية المميتة حيث تقوم باصطياد الجسيمات المشحونة (الكترونات، برتونات) القادمة من الفضاء الخارجي ووقوعها تحت تأثير المجال المغناطيسي الارضي كما تقوم هذه الطبقة بارجاع الاشعاعات الكونية الضارة الى الفضاء الخارجي كأشعة(جاما) واشعة(الفا) والجزء الاكبر من الاشعة تحت الحمراء والاشعة السينية.
طبقة الاوزون: تقع في الطبقة العليا من الغلاف الجوي وهي طبقة (الستراتوسفير) وتقوم بامتصاص الجزء الاكبر من الاشعة فوق البنفسجية الضارة للانسان ولجميع انواع الحياة على سطح الكرة الارضية وقد اكتشف حديثاً بأن زيادة نسبة مركبات (الكلوروفلوروميثان) تؤدي الى ازالة غاز الاوزون في الطبقة30-40 كيلومتر وبنسبة10-25% مما يسبب زيادة الاشعة فوق البنفسجية على سطح الارض معرضة الكائنات الحية والمواد الى مخاطر جسيمة، كذلك فان زيادة نسبة الاوزون قرب سطح الارض تؤدي الى قصر المواد(فقدان اللون) ولاسيما اوراق الاشجار كما تؤدي الى سرطان الجلد، لذا تعمل هذه الطبقة عمل مظلة واقية للارض وما عليها من احياء.
الحمد لله رب العالمين
(وقل ربي زدني علما)
صدق الله العلي العظيم